صرخة فتاة من ضحايا (الشات)
هذه قصة حقيقية، ورسالة تقطر أسىً، وصلتني عبر البريد
تقول الفتاة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو منكم إفادتي في مشكلتي هذه:
أنا فتاة أبلغ من العمر 17 عاماً من بلد عربي، لازلت في الدراسة الثانوية.. للأسف تعلمت استخدام (الإنترنت ) لكني أسأت استخدامها، وقضيت أيامي في محادثة الشباب، وذلك من خلال الكتابة فقط، ومشاهدة المواقع الإباحية، رغم أني كنت من قبل ذلك متديّنة، وأكره الفتيات اللواتي يحادثن الشباب.
وللأسف فأنا افعل هذا بعيداً عن عين أهلي، ولا أحد يدري.
ولقد تعرفت على شاب عمره 21 من جنسية مختلفة عني... لكنه مقيم في نفس الدولة، تعرّفت عليه من خلال (الشات).. وظللنا على (الماسنجر) أحببته وأحبني حب صادق (ولوجه الله) لا تشوبه شائبة.
كان يعلمني تعاليم الدين، ويُرشدني إلى الصلاح والهدى، وكنا نُصلي مع بعض في أحيان أخرى، وهذا طبعا يحصل من خلال الإنترنت فقط؛ لأنه يدعني أراه من خلال (الكاميرا) كما أنه أصبح يريني جسده،... فأدمنت ممارسة العادة السرية.
ظللنا على هذا الحال مدة شهر، ولقد تعلمت الكثير منه وهو كذلك، وعندما وثقت فيه جعلته يراني من خلال (الكاميرا) في الكمبيوتر، وأريته معظم جسدي، وأريته شعري، وظللت أحادثه بالصوت، وزاد حُبّي له، وأصبح يأخذ كل تفكيري حتى أن مستواي الدراسي انخفض بشكل كبير جداً. أصبحت أهمل الدراسة، وأفكر فيه؛ لأنني كلما أحاول أن ادرس لا أستطيع التركيز أبداً، وبعد فترة كلمته على (الموبايل) ومن هاتف المنزل أخبرته عن مكان إقامتي كما هو فعل ذلك مسبقا، ولقد تأكدت من صحة المعلومات التي أعطاني إياها.. طلب مني الموافقة على الزواج منه فوافقت طبعا لحبي الكبير له -رغم أني محجوزة لابن خالي- لكني أخشى كثيراً من معارضه أهلي، وخصوصا أنه قبل فترة قصيرة هددني بقوله: إن تركتني فسوف أفضحك! وأنشر صورك! وقال: سوف أقوم بالاتصال على الهواتف التي قمت بالاتصال منها لأفضح أمرك لأهلك.
وعندما ناقشت معه الأمر قاله: إنه (يسولف) لكن أحسست وقتها بأنه فعلاً سيفعل ذلك، وأنا أفكر جديا بتركه، والعودة إلى الله.
وكم أخشى من أهلي، فأنا أتوقع منهم أن يقتلوني خشية الفضيحة والسمعة، لا أقصد القتل بذاته بل الضرب والذل؛ لأن أبي وأمي متدينان ومسلمان، وإذا عرفا بأني أحب شاب وأكلمه فسوف يقتلانني!
أنا لا أعرف ماذا أفعل!
أنا خائفة جداً.
أريد الهداية.
أريد العيش مطمئنة وسعيدة.
مللت الخوف والتفكير.
أرجوكم ساعدوني، وبسبب هذه المشكلة تركت الصلاة، وتركت العبادة؛ لأني يئست من الحياة، مللت منها، أود الموت اليوم قبل الغد، لو ظللت عائشة على هذه الحياة فسوف يتحطّم مستقبلي، ومستقبل أخواتي، وتشوّه سمعتهن.
أريد تركه لكني أخشى من فضحه لي؛ لأنه سيُعاود الاتصال؟؟
كيف أمنعه من ذلك؟؟
أريد العودة إلى الله فهل سيغفر لي ربي؟؟
كيف التوبة وما شروطها؟؟
ومتى أتوب؟؟
أخشى أن أعود إلى ما فعلته سابقا.
ما الحل؟؟
كيف أتخلص من إدمان العادة السرية خصوصاً أني أصبت ببرود جنسي؟
كيف أعالج ذلك من غير علم أهلي؟؟
ماذا افعل؟؟
أرجوكم ساعدوني.
لا أعرف ما أفعل.
لا أستطيع أن أُخبر أحد بهذا الأمر.
أرجوك أجبني، وأرحني، فلازلت أحمل هذه المشكلة كهمٍّ كبير لا يقوى ظهري على حمله، فأنا التمس الجواب منكم.
أرجوكم ساعدوني.
ما الحل؟؟
أرجوكم بسرعة فلقد يئست..
ساعدوني لا أجد أحداً ينصحني! فساعدوني، ولا ترموا رسالتي، فأنا بأمسّ الحاجة.
أرجوكم.
انتهت رسالة الأخت التي تفيض بالعِظات والعِبَـر.
فهل مِن مُعتبِـر؟؟؟
سوف أقف مع قولها :
(أحببته وأحبني حب صادق [ولوجه الله] لا تشوبه شائبة)
وقفت طويلاً عند قولها: ([ولوجه الله] لا تشوبه شائبة)
المشكلة أن كل فتاة تتصوّر أن الذي اتصل بها مُعاكساً أنه فارس أحلامها، ومُحقق آمالها!
وإذا به فارس الكبوات! وصانع الحسرات، ومُزهق الآمال، وصانع الآلام!
حُـبّـاً صادقـاً ولوجه الله لا تشوبه شائبة!!
هكذا تصوّرته في البداية، ولكن تبيّن عفنه قبل أن ترسم النهاية!
ثم تبيّن انه نسخة من آلاف نُسخ الذئاب البشرية! الذين لا يهمهم سوى إشباع رغباتهم.
ها هي الآمال تتبخّـر، والآلام تتمخّـض!
وها هو يُلوّح بعصا (الصوت والصورة)!
إن لم تُحبّيني فسوف أفضحك، وأنشر صورك و....!!
حُـبّ على طريقة الإدارة الأمريكية!!!
أهذا حب صادق لوجه الله؟؟
ومع قولها:
(أنا خائفة جداً.
أريد الهداية .
أريد العيش مطمئنة وسعيدة.
مللت الخوف والتفكير)
سبحان الله !
ألم تكن في سعة من أمرها قبل أن تطأ أقدامها أرض جحيم (الشات)؟
فما بالها اليوم خائفة؟
ألم تكن في يوم من الأيام على طريق الهداية ؟
فهاهي اليوم تبحث عنه !
ألم تكن عابدة في مصلاها ؟
فما بالها تركت العبادة ؟
إنه شؤم المعصية الذي حُرمت بسببه لذّة الطاعة.
ألم تكن تعيش في سعادة غامرة؟
فعن أي شيء بحثت في سراديب (الشات)؟
بحثت عن السعادة، ولكنها خرجت تصيح من الجحيم: (أريد العيش مطمئنة وسعيدة)
بحثت عن السعادة فعادت بالندامة تتمنّى الموت اليوم قبل الغدّ!
كل هذا تمّ في غفلة الوالدين!
وعجيب قولها:
(وكم أخشى من أهلي، فأنا أتوقع منهم أن يقتلوني خشية الفضيحة والسمعة، لا أقصد القتل بذاته بل الضرب والذل؛ لأن أبي وأمي متدينان ومسلمان، وإذا عرفا بأني أحب شاب وأكلمه فسوف يقتلانني!)
لقد فرّطا كثيراً، وأهملا أكثر، وضيّـعا الأمانة.
إنها الثقة العمياء الـمُطلقة يوم تُعطى للبُنيّات على وجه الخصوص، فتؤتي أُكلها حنظلاً وعلقما.
يوم يقول الأب: أنا أثق ببناتي!! أو بمحارمي عموماً! ثقة عمياء مطلقة!
وهل هن خير أم أمهات المؤمنين؟
ومع ذلك قال الله عز وجل في أدب أمهات المؤمنين: (يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَّعْرُوفًا)
وقال في أدب المؤمنين معهن: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ)
لماذا؟
(ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)
فهل مِـنْ مُعتبِـر ؟؟؟
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)
* الرسالة وصلتني عبر البريد، فرددت عليها، واستأذنت الأخت في نشرها فأذِنَتْ، ونشرتها كما هي، إلا أني حذفت اسم بلدها.